حياة الرئيس كيم إيل سونغ و"أغنية الحنين إلى الموطن"

حياة الرئيس كيم إيل سونغ و"أغنية الحنين إلى الموطن"
من المعروف أن الرئيس كيم إيل سونغ ( 1912 – 1994) لم يكن سياسيا بارزا وعسكريا بارعا
فحسب، بل كان رجلا عاطفيا إلى أقصى درجة وقد قهر الإمبرياليتين الأمريكية واليابانية
الغاشمتين في جيل واحد وقاد المرحلتين من الثورة الاجتماعية، أي الثورة الديمقراطية المناهضة
للإمبريالية والإقطاعية والثورة الاشتراكية إلى النصر وأوجد التيار التاريخي الجديد المسمى بعصر
الاستقلالية في تاريخ البشرية بإبداع فكرة زوتشيه.
كما كان واسع الاطلاع في الموسيقى والفن والأدب أيضا.
ذات مرة، غمرت المسارح في أوروبا الغربية موجة من الصدمة والابتهاج بعرض الأوبرا
الثورية الكورية المشهورة "بائعة الأزهار" والتي تم إبداعها مأخوذة من المسرحية التي كتب
الرئيس كيم إيل سونغ نصها بنفسه في فترة النضال الثوري المناهض لليابان.
إلى جانب نصوص المسرحيات، ألف الرئيس كثيرا من الأغاني ومنها "أغنية الحنين إلى
الموطن".
كان الرئيس يفضل إنشاد هذه الأغنية طوال حياته، فهو أنشدها حينا مع المقاتلين أثناء فترة
النضال المسلح المناهض لليابان، وحينا آخر في أعراس رفاقه في السلاح، وفي فترة الحرب الكورية
الطاحنة (1950- 1953) أيضا.
في وقت لاحق، أنشدها عند مقابلة الأشخاص الذين كانوا على اتصال به في فترة النضال المسلح
المناهض لليابان وفي أيام تأليف مذكراته "في دوامة القرن".
حينما غادرت مسقط رأسي
ودعتني أمي باكية أمام البوابة
ما زالت كلماتها ترن في أذني
على مقربة من بيتي يخرخر النهير
وجوه إخوتي الصغار الذين يلعبون
2
ما زالت تسبح حية أمام ناظري
…
يقال إن الشعر هو ما ينبع عن مشاعر ناظمه.
إذن، ما هي كلمات الأم التي ظلت ترن في أذني الرئيس كيم إيل سونغ ؟
حين كان على وشك الانطلاق إلى الحملة الأولى بقيادة الجيش الثوري الشعبي الكوري بعد
تأسيسه في يوم 25 أبريل/ نيسان عام 1932، كانت أمه طريحة الفراش لتفاقم مرضها المزمن
بسرعة. لم يستطع الرئيس أن يقدم على المغادرة في رحلة بعيدة تاركا أمه المريضة كما هي عليه.
بينما يدور حول البيت مرة بعد مرة، فتح الباب وسمع صوت أمه تؤنبه بصرامة: قبل أن تقلق
لأوضاع الأسرة، عليك أن تفكر في بلادك المغتصبة على أيدي الإمبرياليين اليابانيين وشعبك.
عليك، يا ابن كوريا أن تفكر وتعمل ببعد نظر. كانت تلك هي آخر كلمات قالتها الأم له.
لقد كرس الرئيس كل ما لديه من الغالي والنفيس من أجل البلاد والأمة طوال حياته وفاء لوصية
أمه تلك. يقال إنه عمل على توفير البيوت الجديدة لأبناء الشعب في كل أرجاء البلاد، إلا أنه لم يشيد
بيتا جديدا لجديه وعمه وزوجته فقد عاشوا في البيت البسيط المسقوف بالقش في مانكيونغداي
لمدة طويلة حتى بعد تحرر البلاد (15 أغسطس/ آب 1945) وهم يزاولون الزراعة. في هذا البيت
تحديدا، ولد الرئيس كيم إيل سونغ.
كما ورد في كلمات الأغنية، أحب الرئيس حبا جما ذلك البيت الصغير في مانكيونغداي خلابة
المناظر الطبيعية على ضفة نهر دايدونغ الذي تنساب فيه المياه الصافية.
بيد أن حزن الأمة المحرومة من الوطن حاله دون التمتع بالحياة السلمية حتى في ذلك البيت
الصغير.
لذا، انطلق الرئيس إلى طريق النضال الثوري بعد أن هاجر إلى الصين وهو في الرابعة عشرة
من عمره بعبور نهر آمروك عاقدا العزم الأكيد على ألا يعود مرة أخرى قبل أن تنال كوريا
استقلالها. منذ ذلك الحين، خاض المعارك الدامية لاستعادة الوطن المغتصب ضد الإمبريالية اليابانية
على مدى عشرين عاما، فيما يجوب في أراضي منشوريا الشاسعة بشمال شرقي الصين والتي
تعصف بها الرياح الشديدة.
إن الحنين ومشاعر الحب التي تعبر عنها "أغنية الحنين إلى الموطن" لم تكن مجرد الحنين
3
والحب لوالديه أو موطنه فقط، بل كانت حبا خالصا للوطن والأمة، وتطلعا إلى الحياة المستقلة
الخالية من الاستغلال والاضطهاد، وإرادة عارمة لبناء بلد جديد حر وديمقراطي يزداد ثراء وقوة
ونموا إلى أبعد الحدود.
من هنا، كلما حل الليل المقمر في المعسكر السري، كان مقاتلو جيش حرب العصابات ينشدون
هذه الأغنية مع قائدهم، موطدين إيمانهم وعزمهم الراسخ لاستعادة البلد السليب مهما كلف الأمر
وبناء بلد يعيش فيه جميع أبناء الشعب بسعادة، على ما يقال.
بعد تحرر كوريا، تطور هذا البلد إلى دولة اشتراكية متمحورة على جماهير الشعب، دولة
اشتراكية قوية تأخذ بأسباب السيادة والاستقلال الاقتصادي والدفاع الوطني الذاتي، عبر المرحلتين
من الثورة الاجتماعية، لأن الرئيس كيم إيل سونغ كان يحمل في قلبه مشاعر الحب المتقد لوطنه
وأمته طوال حياته.
لقد مضى في معالجة جميع القضايا بما يتلاءم مع واقع البلاد الملموس ومتطلبات الشعب
ومصالحه منذ الفترة الأولى لبناء الدولة. في هذا الإطار، قاد عملية بناء الاقتصاد الوطني المستقل
وحرص على بناء قدرات الدفاع الوطني الذاتي القوية، بحيث يمكن الحفاظ بثبات على أمن الدولة
والأمة بمواجهة الإمبريالية الأمريكية العاتية على مدى عشرات السنين.
بفضل حب الوطن والأمة الذي كان الرئيس يتمسك به طوال حياته، أقيم النظام الاشتراكي
الكوري المتمحور على جماهير الشعب، حيث تعمل الدولة على تعليم الطلاب في كل أنحاء البلاد
مجانا ومعالجة جميع الأهالي بلا مقابل وتوزيع المنازل على المواطنين مجانا بعد بنائها.
إن روح الحب الحار للوطن والأمة والتي تسود "أغنية الحنين إلى الموطن" استحوذت على أفئدة
الشعب الكوري بعد التحرر حتى صارت أغنية محببة إليهم.



